أصابع الاتهام تتجه نحو مركز كشفي بالقاهرة

كتب- أحمد يحيي– محمد الديسطي موقع البوابة نيوز

دورات للتدريب على مبادئ وأفكار الإرهاب، هذا هو العنوان الصحيح، الذي يختفي بين السطور، بغض النظر عما يمكن أن تؤدي إليه المسميات البراقة، والمصطلحات المشرقة الوردية.
ليس في الأمر مبالغة، فتحت مسميات على شاكلة: “كيفية وقف زحف الإلحاد” و”الإسلام وأكاذيب الليبرالية” و”الذميون في دولة الإسلام”، تقيم مراكز مشبوهة من وراء ظهر الأجهزة الأمنية، دورات تدريبية تغرس جذور التكفير والتطرف في نفوس الشباب، وتعمل عبر “الأسلفة” إلى “الدعوَشة” على إخراج عفاريت الإرهاب من قمقم المجتمع المصري، الذي ما يزال سهلا استقطابه إلى مثل هذه التيارات، لأسباب معقدة ومتشابكة.
ومن المراكز التي رصدت “البوابة” تورطها في سحب الشباب إلى “سكة الندامة” مركز يسمى “الفتح للبحوث والدراسات”، يرأسه القيادي السلفي محمد سعد الأزهري، وعنوانه قاعة المركز الكشفي العربي بشارع يوسف عباس المتفرع من صلاح سالم بالقرب من ميدان رابعة العدوية.
المركز الذي لم يحصل على ترخيص بممارسة عمله من أية جهة، في دولة الـ “سداح مداح”.. يركز بشكل خاص على موضوع مكافحة الإلحاد، وهو الأمر الذي لا شبهة ظاهرية فيه، لكن بالنظر إلى الباع الطويل لرئيس المركز الشيخ الأزهري في تأييد الإرهاب، ولأنه المحاضر الرئيس في معظم الدورات، فلابد أن “يلعب الفأر في العِب”، وتتفجر التساؤلات عما وراء الستائر السوداء بلون رايات “داعش” و”القاعدة”.
مؤخرًا نظم المركز دورة اقتصر الحضور فيها على الرجال فحسب، وجاء على رأس شروط الانضمام إليها، أن يسدد المتقدم 75 جنيهًا، يحصل بمقتضاها على وجبة غذاء، وأن يبادر بتسجيل كل بيانه الشخصية بما تشمله من الاسم كاملًا ومحل الإقامة والرقم القومي والبريد الإلكتروني، ما يثير أسئلة جديدة عما يمكن فعله بهذه القاعدة من البيانات.
وتفصيليًا، فإن السيرة الذاتية للشيخ الأزهري، تكشف عن أنه من “عتاة” مؤيدي الإخوان، فالرجل ذو الوجه المستدير واللحية الكثة عضو حزب النور، كان من أعضاء لجنة الدستور “الأهل والعشيرة”، وله في غضون اعتصام رابعة تصريحات تنضح كراهية وغلا، منها ما وصف الصراع مع الإخوان بحرب من “العلمانيين الكفرة” على الإسلام والإسلاميين، وله دعوات ألبست الحق بالباطل لحث الناس على النزول إلى رابعة لمواجهة “طواغيت الليبرالية”.
وكتب الأزهري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتاريخ 21 يونيو العام الماضي: “إلى الذين اختاروا عدم النزول عند رابعة اليوم لاجتهاد رأوه.. لا تحقر من هذه الوقفة، فلعل فيها نجاتك، وإلي الذين نزلوا عند رابعة اليوم لا تستكثروا بالعدد ولا تقللوا من شأن إخوانكم الذين لم ينزلوا، فنحن لا نُنصر بالأعداد ولكن بتقوي رب العباد، وعموما الوقفة رسالة للتيار العلماني واليساري والكنيسة وغيرهم، أن هذه الأعداد خرجت وأكثر منها لم يخرج فانتبهوا “.
وعقب فض “رابعة” قال الأزهري: “يتم الاحتكاك بالإسلاميين في الطرق ومضايقتهم من العلمانيين، هناك قمع للإسلاميين وحرب على الإسلام بغلق القنوات الإسلامية، محاولات نزع نقاب السيدات في الشوارع لن تمر مرور الكرام”.
إذن.. وبما أن “الجواب يبان من عنوانه”، فإن وجود هذا الأزهري على رأس مركز، لا يقدم مؤشرات إيجابية عما يمكن أن يقال خلف الأبواب، وعما وراء هذا “المركز البحثي” من مآرب وأغراض.
وليس الأزهري نموذجًا شاذًا أو نغم نشاز في “سيمفونية الكراهية”، فالشيخ “هشام عزمي” الذي تكشف سيرته الذاتية عن أنه عضو مؤسس بما يسمى بمنتدى التوحيد للرد على الإلحاد والمذاهب الفكرية المعاصرة، والباحث بمركز براهين لدراسة الإلحاد ومعالجة النوازل العقدية، يعمل في المركز باحثًا ومحاضرًا، رغم أنه غير منتمٍ للأزهر ولم يحصل على ترخيص مزاولة الخطابة.
ويحظى “عزمي” بشعبية طاغية بين أتباع جماعة الإخوان والسلفيين، وله آراء شديدة التشدد إزاء الليبرالية والدولة المدنية.
أما هيثم طلعت سرور، فهو باحث متخصص في الإلحاد والمذاهب الفكرية المعاصرة، وباحث بمركز براهين لدراسة الإلحاد ومعالجة النوازل العقدية، وتتمثل أشهر كتبه وأفكاره في: “فخ الدولة المدنية وأكاذيب الليبراليين”، و”المسألة القبطية مسألة شيطانية”، كما أن له دراسات غير مطبوعة لكنه يطرحها للتحميل على الشبكة العنكبوتية منها انتقادات لنظرية داروين، وهجوم على الرأسمالية والعلمانية، علمًا بأن أيًا من هذه الدراسات لم يحظ بموافقة الأزهر.
كما ينتمي إلى الأزهر باحث آخر يدعى مصطفى نصر قديح، وهو يعمل أيضا بمركز براهين، الذي تبدو صلات العلاقة بينه وبين مركز الفتح شديدة القوة، واللافت أن “مولانا الجليل” ليس متخصصًا في العلوم الدينية، إذ أنه حاصل على بكالوريوس الفيزياء من كلية علوم الأزهر قسم الفيزياء.
وإذا كان هؤلاء الباحثين، وتلك المراكز غير مرخصة، وتمارس عملها بمنتهى الحرية وبمنأى عن الأزهر ووزارة الأوقاف، فإن الأمر يوحي برفض هؤلاء “الباحثين” الاعتراف بسلطة المؤسستين اللتين تمثلان الدولة، ويجعلان من نصوص قانون الخطابة بإعطاء أئمة الأوقاف صفة مأموري الضبط القضائي ومعاقبة من يمارس الخطابة دون ترخيص بالحبس ثلاثة أشهر وبغرامات تصل إلى 50 ألف جنيه.. مجرد حبر على ورق، كالكثير من القوانين في مصر

alt.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
إغلاق